العمارة

أُنشئ المتحف في المسكن السابق لنقولا سرسق الذي شُيّد في العام ١٩١٢. يوائم مبنى المتحف بين عناصر معماريّة قوطية (طراز العمارة المحلية في مدينة البندقية) وعثمانيّة ساد استخدامها في عمارة لبنان مطلع القرن العشرين.

 الصالون العربيّ حيث كان سرسق يستقبل زوّاره، ما زال على حاله الأصليّة. الكُسوات الخشبيّة المنحوتة يدوياً والتي تُغطّي جدرانه وسقفه، استوردت من دمشق في عشرينات القرن العشرين. وما يزال بعض البلاط الأصليّ للدار موجودًا في أرضيّة الطابق الأوّل من المتحف. صُنّف المبنى في العام ١٩٩٩، من قبل المديريّة العامّة للآثار، كمبنًى تاريخي من الفئة أ.

في البداية، عندما افتتح متحف سرسق، كان كما تركه صاحبه من دون تعديل، فاستضاف معرض الخريف ومعارض مؤقّتة أخرى في غُرفه وقاعاته العديدة. ولتحويل الدار من وظيفته السكنيّة الأولى إلى فضاء عام تقام فيه المعارض، خضع المبنى إلى مشروع توسعة في العام 1970، بإشراف المعماري اللبناني غريغوار سيروف. تناولت عمليّات التوسعة الفضاءات الداخليّة للدار، حيث تمّ تحويل الأقسام الرئيسة فيه إلى صالة عرض وأماكن للحفظ. كما تضمّنت التعديلات آنذاك إضافة مناور أو فتحات لإدخال الضوء الطبيعي في الطابق الثاني، حيث تُقام المعارض المؤقّتة.

في العام ٢٠٠٨، خضع المتحف لمشروع ترميم وتوسعة على مدى خمسة أعوام. بدأ المشروع في العام ٢٠٠٠ بمبادرة من رئيس اللجنة التنفيذية للمتحف آنذاك، غسّان تويني، الذي قام، مع باقي أعضاء الهيئة، بتكليف المعماريين جان ميشال ڨلموت وجاك أبو خالد بالإشراف على المشروع. وأنجزت الأعمال في العام ٢٠١٤ حيث كان المتحف تحت ولاية رئيس بلدية بيروت الدكتور بلال حمد، والدكتور طارق متري رئيس اللجنة التنفيذية للمتحف.

وأدّت عمليات التوسعة إلى إضافة أربعة طوابق تحت حديقة المتحف، ساهمت في زيادة إجمالي مساحته المسطّحة من ١٥٠٠ متر مربّع إلى ٨٥٠٠ متر مربّع، أي أكثر بمعدّل خمس مرّات من مساحته الأصليّة.

التحدّي الأبرز الذي واجه المعماريّين كان خلق فضاءات جديدة على عمق عشرين مترًا في أسفل المتحف، وذلك مع المحافظة على عمارة المبنى الأصليّة وتدعيمها. الأقسام الجديدة تضمّ فضاءات عرض إضافيّة، من بينها صالة بمساحة ٨٠٠ متر مربّع مخصّصة للمعارض المؤقّتة، وأوديتوريوم بـ ١٦٨ مقعدًا، مكتبة لمختلف الأبحاث، فضاءان لحفظ مجموعة المتحف الدائمة وأرشيفه، ومحترف للترميم، إضافة إلى متجر ومطعم ومقهى. ويساهم هذا التحديث المعماري في تأمين مختلف العناصر الضروريّة التي يحتاجها المتحف، كي يغدو مؤسّسة ثقافيّة تتمتّع بأحدث المعايير التي يفترضها زمننا هذا، ويُعيد ترتيب أساليب الحفظ لمجموعته ويجدّد صيغ معارضه.