



أُنشئ متحف سرسق انطلاقًا من التزام صاحب المجموعات الفنّيّةاللبناني نقولا سرسق بمهمّة دعم الفنون وتعزيزها.وكان سرسق أهدى داره لسكّان بيروت ليكون متحفًا للفنّ بعد وفاته في العام ١٩٥٢،وذلك إيمانًا منه بحاجة الفنّانين في لبنان إلى دعم مؤسّساتي.
تأخّر تنفيذ إرادة سرسق تسعة أعوام. خلال تلك الفترة أصدر الرئيس اللبناني السابق كميل شمعون مذكّرة تنصّ على تحويل الدار إلى "قصر للضيافة"، ينزل فيه زوّار لبنان من رؤساء الدول.
استضاف متحف سرسق معرضه الأوّل قبل أن يُفتتح كمتحفٍ رسميّ، حيث كان بلا جدران. أقيم المعرض تحت عنوان "أوّل متحف متخيّل في العالم" في مبنى قصر الأونيسكو في بيروت في العام ١٩٥٧، حيث قدّم ٦٦٤ لوحة منسوخة بالألوان ومؤطرّة لأعمال روّاد من آسيا، أوروبا، وأميركا.
إفتتح المتحف أبوابه في العام ١٩٦١ بفاعلية "معرض الخريف"، الذي مثّل دعوة مفتوحة لعرض الفن الجديد في حينه.
استندت فكرة المعرض على نموذج فرنسي من القرن التاسع عشر، حيث تُمنح الأعمال الأكثر إبداعًا جوائز تقديريّة. ترسّخت ظاهرة "معرض الخريف" لينعقد دوريًّا منذ افتتاح المتحف، مُتتبِّعًا تطوّر الفنون الجميلة في لبنان عبر السنوات. وقدّم المعرض أعمال فنّانين لبنانيين روّاد في الفن التشكيلي أمثال شفيق عبّود، إيڨيت أشقر، إتيل عدنان، ميشال بصبوص، سلوى روضة شقير، بول غيراغوسيان، إيلي كنعان، عارف الريّس، وعادل الصغير.
إضافة إلى "معرض الخريف"، أقام المتحف عددًا من البرامج والمعارض قدّم فيها أنواعاً متعدّدة من الفنون من جميع أنحاء العالم، من السجّاد الشرقي والفنّ السوري المعاصر، إلى الفنّ البلجيكي المعاصر والرسوم والمائيّات البريطانيّة في القرن العشرين.
وعلى رغم صعوبة الأزمات التي مرّ بها لبنان خلال الحرب الأهليّة اللبنانيّة بين ١٩٧٥ و١٩٩٠ أصرّ المتحف على فتح أبوابه للجميع، في معظم الأحيان كلما سمحت الأوضاع الأمنية.
أقفل المتحف أبوابه في العام ٢٠٠٨ من أجل ترميمه وتوسيعه لتضاف إليه أربعة طوابق تحت الأرض.نتج عن أعمال التوسِعة زيادة تُقدّر بخمس مرّات عن حجمه السابق، فأصبحت مساحته ٨٥٠٠ متر مربّع بعدما كانت ١٥٠٠ متر مربّع.
أطلق هذا المشروع بمبادرة من الصحافي والسياسي والديبلوماسي الراحل غسان تويني الذي كان رئيس لجنة المتحف في ذلك الوقت، وعمل مع جميع أعضاء اللجنة على تكليف المهندسَين جان ميشال ڨلموت وجاك أبو خالد للقيام بالمهمّة.
أنجزت الأعمال في العام ٢٠١٤ بعهد المتولّي السابق للمتحف رئيس بلدية بيروت حينها الدكتور بلال حمد،ورئيس اللجنة التنفيذية للمتحف ووزير الثقافة السابق الدكتور طارق متري.
أقسام المتحف الجديدة تؤمّن فضاءات عرض إضافيّة، من ضمنها صالة مخصّصة للمعارض المؤقتة، أوديتوريوم يتّسع لـ ١٦٨ كرسيًّا، مكتبة للأبحاث متخصّصة بالفنون، فضاءان للتخزين يضمّان مجموعة المتحف الدائمة والأرشيف، ومحترف للترميم، إضافة إلى متجر ومطعم.
تُؤمّن هذه التغييرات الهندسيّة جميع المكوّنات الضروريّة للمتحف كي يكون مؤسّسة ثقافيّة فنيّة حديثة، ويطوّر طريقة تقديمه لمقتنياته ومعارضه.